16 يناير 2018

The Bicycle Thief - سارق الدراجة


عدالة ضائعة

بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت روما مدينة جائعة  تشبه الكثير من البلاد التي تعاني ويلات ما بعد الحرب من بطالة و تدني في الأخلاق دينياً و إجتماعياً  ,

ومن هنا بدأت أحداث فيلم سارق الدراجة للمخرج والممثل الإيطالي و رائد الواقعية الإيطالية الجديدة فيتوريو دي سيكا والذي أعتمد على مشاهد حقيقية من واقع روما المخيف في تلك الأثناء و أستعان بممثلين غير محترفين فقد كان بطل الفلم أنطونيو وهو الممثل ( لامبيرتو ماجوراني ) في الحقيقة عاملاً في مصنع عندما أستعان بهِ دي سيكا..

فيتوريو دي سيكا

تبدأ أحداث الفيلم بتجمع كبير للعاطلين و المنتظرين بشغف فرصة عمل من الحكومة الإيطالية  ويستطيع رب الأسرة الفقير أنطونيو بالفوز بإحدى تلك الفرص ولكن كان من شروط الوظيفة أن يمتلك العامل دراجة هوائية ( لا دراجة لا عمل ) وكان أنطونيو بالفعل يمتلك دراجة ولكنها في محل الرهونات التي كانت موجودة بوفرة في المدينة الإيطالية نظراً للفقر المدقع الذي أصاب الجميع ..

 ذهب لزوجته ماريا ليخبرها بما حدث فقررت و بدون تفكير بيع شراشف عرسها كي تسدد ثمن رهن الدراجة و أستعادتها وبالفعل تنجح ماريا في بيع الشراشف وبالتالي أستطاع أنطونيو العودة بزوجته و بالدراجة إلى المنزل , ولكن في طريق العودة كان على ماريا الذهاب لمشعوذة تقرأ لها الطالع وكان ذلك التدني الديني أيضا من نتاج ومخلفات الحرب ولم يقتنع الزوج بما تفعله زوجته وأعتبر ذلك إهانة كبيرة و لجوء مخزي لمن في مثل ثقافتهم ,

ومع أول يوم للعمل أصطحب أبنه الصغير برونو ( أنزو ستايولا ) ليقله لعمله على أن يعود إليهِ في تمام السابعة مساءا , وعندما أنخرط انطونيو في العمل سُرقت منه الدراجة في خِلسة وهو منهمك في  تثبيت ملصقات الحائط  ,, يحاول اللحاق باللص فلا يستطيع الإنساك به ِ ’ وتستمر الأحداث مع أنطونيو و برونو في عطلة نهاية الأسبوع في البحث عن السارق حتى يراه في سوق يتحدث إلى رجل عجوز فيحاول اللحاق بالصبي السارق لا يستطيع فيذهب وراء العجوز كي يخبره بمكان السارق حتى يصل لكنيسة تجمع الفقراء لحضور القداس في مقابل وجبة ساخنة ويحاول مع العجوز أن يأتي معه ويدله على السارق ولكن يراوغه العجوز ويهرب وهنا يبدأ أنفلات واضح لإعصاب العامل وخاصة بعد أن قال برونو الصغير

(لماذا تركته يذهب عندما أراد تناول صحن الحساء) هنا لطمه الوالد لطمة قوية أرعبت الصغير الذي سارع بالإختباء لدرجة أرعبت أنطونيو عندما أسرع للجسر عندما نادى الناس بأن هناك من غرق في المياه ,ليكتشف أن ولده بخير

وبعد محاولات عدة مع السارق أن يسترد منه الدراجة و تكاثر السارقين والهمجيين من حوله لإبعاده عن سكن السارق وخاصة بعد ما صرح له الشرطي بأنه لن يستطيع إثبات التهمة بسبب عدم وجود الشهود وذلك بعد أن لجأ في محاولة يائسة للمشعوذة لتساعده في عودة الدراجة والتي صرحت له بأن إذ لم يتمكن من إسترجاع الدراجة اليوم لن يستطيع إستعادتها مرة أخرى إلى الأبد

ومن يأس إلى يأس يقرر أنطونيو سرقة دراجة هوائية تقف في شارع جانبي بعد أن يأمر أبنه الصغير بالعودة إلى البيت ولكن الصغير لم يلحق الترام فيعود إلى والده في اللحظة التي سرق فيها أنطونيو الدراجة ليتكاثر حوله البشر ويقومون بشتمه و ضربه أمام الصغير والذي لولا وجوده لكان أنطونيو في السجن لتنهار جميع المُثل في أن واحد ,, صورة الأب امام أبنه ِ الصغير و مباديء أنطونيو في العدل والمساواة والاخلاق التي تهاوت أمام فرصته الأخيرة في سد رمق جوع عائلته و إعالتها

 وكان المشهد الأخير في سير أنطونيو وبرونو بوجوه باكيه و جزعة لمصير يعلمون جيداً كيف سيكون وسط كم لا عادي من الدراجات الهوائية التي لن يستطيعو يوماً إمتلاك أحدهما ,,

وقد برع دي سيكا في مشهد والتي تلائم أجواء تلك الأيام في روما ووصل لحد الكمال في وصف أجواء المدينة بواقعية شديدة جعلت الفيلم في مصاف الأفلام الهامة على مر التاريخ

فقد أستطاعَ الكاتب  سيزار زافاتيني مع دي سيكا في إبراز مساويء وويلات الحروب على المجتمع الإيطالي وتجسيد الواقع كما هو بممثلين غير محترفين بشوارع حقيقية بديكورات غاية في البساطة و إضاءات حقيقية,  إستطاعا أيضاً إبراز كل المشاعر الإنسانية و الإحباطات النفسية المتواترة كما الحقيقة وبوضوح فقد كان دي سيكا نفسه من أسرة فقيرة جداً وكان عائل لإسرة فقيرة وبهذا أستطاعَ السيطرة على نص اليساري زافاتيني ليخرج لنا بفيلم شديدة العذوبة و المصداقية .

 رنا هاشم





10 يناير 2018

أحلام مُنهكة ...



الحياة هتتغير من حوالينا ...
الحياة بتتغير من حوالينا ...
الحياة اتغيرت ..
بس لما تغيرت خدت شكل الحروب اللي ما سابتش لا أخضر ولا يابس فيي وشها
علمت علينا وفضلنا نضحك على نفسنا إننا أتعلمنا من أخطائنا و نزواتنا وطيشنا و أحلامنا اللي ماتت مقتولة على أرض الواقع وأحنا متعلمناش ولا حاجة أحنا ذبلنا و أنكسرنا وسامعين صوت كسرنا في كل مرة بنحاول نخطي برا الدايرة المقفولة اللي حبسنا نفسنا جواها بعد ما وصلنا لمرحلة اليأس الشديد من الحياة ..
في يوم بقى بعيد .. بعيد أوي كنت بقعد أعلى شجرة نبق عالية وعجوزة بفكر في السما أزاي هي حلوة وليه ما بنطيرش زي العصافير وليه ماشيين على الأرض وليه متخلقش لينا أجنحة نعدي بيها بحور وأراضي ونسمع صوت الملايكة اللي بيتكلم عنها القرأن في المدرسة نزلت في يوم وأنا مقررة أعرف و أفهم وسألت ماما ليه أحنا مش بنطير و نعدي بحور كانت واقفة قدام شباك كبير في المطبخ بتحضر الغدا من الشباك ده بتشوف مساحة كبيرة من السما الزرقا قدامها ملت عينيها من كل الأزرق ده وقالتلي في طيور حلوة أوي وصغيرة جدا أسمه طائر السمان وده طير مهاجر بيجيلنا من أوربا طول الوقت مهاجر بيدور على الدفا من مكان لمكان ما بيتحملش البرد بيسافر مسافات كبيرة اوي و بعيدة علشان يلاقي حضن الدفا في سما فيها شمس كبيرة يقدر يكمل بيها حياته الطير ده لما بيوصل السواحل المصرية الصيادين بينصبوا ليه شبك بيوصل الطير منهك جدا وتعبان بشكل مش عادي بيشوف وهو في العالي أنه وصل للبر بينزل و ينزل و ينزل في الظلمة وهو فرحان أنه أخيراً وصل ومن تعبه وفجأة بدون مقدمات يلاقي نفسه في الشبك اللي من فرحته بالوصول مشافوش وبتنتهي رحلة التعب بالموت كانت بتبص للسما وساعتها لفت بصتلي و قالتلي محدش بيطير أوي إلا لما بيقع يا رنا لازم تحلم أحلام على قدنا و شبهنا نحلم نكبر منحلمش نطير نحلم نلبس على الموضة مينفعش ندور على جزمة السندريلا اللي هتحقق أحلامنا نحلم نقابل ربنا منحلمش نسمع الملايكة و بس ... قلتلها أحلامي مش على قدي بس هحاول ... كتبت فيلم عن طيور السمان و لسة منفذتوش كألف حلم مؤجل مش من فراغ بكتب وأنفذ دايماً أحلامي القديمة وبكتب عن نفسي المتلاشية في الزحمة و التعب,
بس أكتشفت متأخر أوي وأنا في مرحلة السقوط المُدوي أن مفرقتش عن طير السمان المنهك والمعدوم الإرادة والقوى ..
يمكن بطلت أحلم ..
بس مبطلتش أبص للسما .

11 أكتوبر 2016

مسيرك هتصدق ...


 

عن الوعود المتلونة بالسراب و اللهفة المطفية ,
و معنى اللقا اللي مش جاي ,
وطرفة العين المستخبي وراها ألف معنى ,
اللي في يوم هيجي و تصدق فيها إنك لحظة منسية .



أنا مين .. أنا ليه ....


  

و فقدت قدرتي على الكتابة ,,
ساعات كتير بدور على الست اللي كانت بتكتب من سنين و عندها شغف بالحروف إن تلعب بيها و أحلامها المتكدسة فوق بعضها و المتخمة بالأمل رغم كل الزعل اللي محاوطها ملقيتهاش و الأغرب أن الشغف نفسه مبقاش موجود بالأشياء ولا بالأحلام ولا بالأشخاص و كأن حياتها بقت عاملة زي الورقة البيضا اللي مفيهاش ولا كلمة ,
ساعات كتير بكون نفسي أكتب و أطلع اللي جوايا زي زمان يمكن أرجع أحلم من تاني , أصل الحلم مش محتاج فلوس ولا فرص ولا جري السنين علشان تحققه ده مجرد حلم يعني تغمض عينيك و شوية ريلاكس لجسمك و تحلم والله ما هي صعبة بس الحقيقة طلعت الأحلام صعبة جداً هي كمان لما جواك يكون فاضي ..
فاضي من الحب
من الأمل
الذكريات
وكأن هارد مخك أتمسح فجأة من غير قصد مهما تحاول ترجع المعلومات اللي عليه مستحيل
مقدرش أقول أني مش مستسلمة للحالة دي ولا أقدر أقول أن بقاوم ,,
ولا عارفة ليه بكتب أصلا وأنا مش في مخي حاجة ولا حد
كل اللي أعرفه أن المكان ده و المدونة دي لسة بتمثلي المساحة الخفية من العالم اللي بستخبى فيها كل ما أحس بالتعب من الناس و الكلام و المهاترات و الخناق و الهري بين في السياسة و أحلام الهجرة
لسة المكان ده اللي في شبه مني متعكرش بسواد الحقيقة

10 مارس 2016

الفيلم الأمريكي Five Star - فايف ستار





منذ عامين عُرض الفيلم الأمريكي فايف ستار إخراج كيث كيلر  ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته السادسة و الثلاثون في نوفمبر 2014  ضمن المسابقة الرسمية و كان العديد من النقاد و السينمائيين ينتظرون الكثير من وراء الفيلم من إبداع و ما شابه .
لكن بمجرد عرض كلمة النهاية خابت أمال الكثير من مشاهدي العرض من تلك النهاية المفتوحة بعد أن تعرضوا للتخبط في الكثير من المشاهد خلال 83 دقيقة مدة عرض الفيلم .
يتعرض الفيلم لجوانب الحياة السرية و الليلية لرجال العصابات و كيف تحاك المؤامرات و توصيل الممنوعات المختلفة و خاصة عن طريق تجنيدهم للشباب المتعطش للحرية ربما أو النقود أو الإستقلال و أيضاً ممن يعتريهم الغضب الكامن نتيجة عنصرية اللون  والبيئة الإقتصادية .
تدور أحداث الفيلم عن الصبي جون الأبيض البشرة ذو التقويم الفضي الذي يزين اسنانه و الذي يعيش مع  أمه الملونة و الخائفة عليه دوماً من حياة المراهقة و الدخول في العلاقات الجنسية المتعددة  وكان يقابل صراحتها دوماً بالرفض بأن له مطلق الحرية فيما يفعل و لكن بهدوء و تريث كي لا يفقد تعاطفها و حبها الكبير له و حفاظه على السبب الأهم .. فهي من تعوله بعد مقتل الأب برصاصة طائشة  نتيجة  حروب الشوارع بين المجرمين .
و في مكان أخر تظهر الشخصية الأخرى  و المحورية في الفيلم الضخم  بريمو زعيم العصابة  و الذي يعمل بالحراسة للملاهي و الشخصيات تلك الأعمال التي يأخذ اجرها باليوم  و يعول أسرة كبيرة من الأطفال نتيجة الإنجاب المتكرر و يحاول جاهداً أن يوفر حياة كريمة لهم فهو يجلس على الأريكة طوال النهار مع أولاده و زوجته و يتركهم ليلاً للعمل .. صبوراً متعاطفاً حنوناً جداً و كبير الإيمان .. نقطة ضعفه العامة تلك الأسرة و نقطة ضعفه  الخاصة أبنه المصاب بالتوحد .. مقتنعاً تماماً بإنه ليس هناك علاج في العالم يحمي طفله من شر ذلك المرض إلا الحب و الحنان وعنده إصرار شديد بأنه سيتماثل للشفاء بالصبر و الإيمان فعلى حد قوله كل ما أصاب أبنه ’’ أنه يكره النظر في عيون الأغراب ’’

حمل بريمو على عاتقه أيضاً تربية  جون فقد كان صديقاً لوالده قبل مقتله و حاول بدون علم الأم أن يعلمه كيف الحياة الأخرى
و بدأ الصبي بحمل السلاح و توصيله و الإندماج في الحياة السرية الليلية  بروية شديدة كي لا يقبض عليه أو يقتل أو أن تعلم الأم تحت إشراف بريمو الذي يساعده و لكن ثقته فيه ذو حدين فهو كرجل عصابه ثقافة الثقة معدومة تماماً عند هؤلاء الرجال
و تستمر تلك الحياة لجون و بريمو ما بين متناقضات الليل من الصباح و الإيمان و الغواية التي تتبارى فيما بينهما في صراع قوي للخير و الشر  إلى أن يصطدم جون بتلك اللدغات المميتة من أحد ألخونة ليوشي بهِ عند بريمو بأنه لم يسلم المهمة المنوط بها في إتهام صريح بالسرقة , و ما كان بجون إلا أن يحاول أن يدافع عن نفسه عندما شعر بأنه قد يقتل رغم كل تلك العلاقة الكبيرة بينه و بين بريمو ,
أول ما يلفت نظرك في الفيلم هو التصوير المضطرب للفيلم فقد صورت المشاهد بهزة كاملة لجميع المشاهد في وضعية الشولدر بطريقة أشبه لتصوير السينما التسجيلية و برامج الواقع وكان من الواضح جداً أن وجهة نظر المصور
هي بلورة فكرة الإضطراب و الصراع الداخلي لحق الفرد في الوجود و صعوبة المعيشة بين المجرمين و حياة الليل السخية بتفاصيل القتل و الغدر , و إيصال وجهة نظر المخرج الأهم في الفيلم وهي معنى أن تكون رجلاً  فقد كانت تلك هي الرسالة الأهم للمخرج كيث ميللر كما صرح في أحد المؤتمرات الصحفية  

و لكن علينا أن نتوقف هنا قليلاً ,,
أشار مدير التصوير السينمائي سعيد الشيمي في كتابه الشهير إتجاهات الأبداع في الصورة السينمائية المصرية إلى الأتي :
’’ توجد مقولة حكيمة للمخرج كلود ليلوش الذي بدأ حياته مصوراً ثم أصبح من أشهر مخرجي السينما الفرنسية في أواخر الستينات ’’ أن المصور المعاصر في الفيلم هو مركز الدائرة تماما و من هنا نستشعر أهمية دور المصور ليس في مركز الدائرة و لكن في الدائرة ككل حين يصبح للصورة غرض و معنى ’’
وبذلك أستطاع الشيمي أن يحصر أهم نقاط مقاييس الأبداع لمدير التصوير الجيد في الأتي :
1- أن يكون له رؤية بصرية تشكيلية للسيناريو المكتوب مؤثرة في تحويله إلى مرحلة الصورة الدرامية و هي بلا شك تكونت عنده من أستيعاب ثقافات و فنون كثيرة محلية و عالمية .
2- العمل على توظيف حرفته و أستخدام أدواته ( السيني – فوتغرافية ) لخدمة رؤيته البصرية التشكيلية و التي يجب أن تتفق مع مفهوم المخرج و دراما الفيلم .
3 بصم الفيلم بالجو العام المرئي و الملائم للأحداث فهنا بصمة الصورة تحمل أهم دلالات النوعية الخاصة بالفيلم .
4- مدى نسبة الأبتكار و التجديد في أستخدام الشكل و الرؤية البصرية و تطويع أدواته و خاماته إلى الأرتقاء بالشكل و المضمون معاً لخدمة العمل الدرامي .
ومن هنا نصل للنتيجة الأهم إلا وهي هل تم خدمة الصورة بمنطقية نتيجة ذاك الأضطراب الداخلي أم هي كانت رؤية فردية للمخرج ؟
فعملية التلقي هنا مطاطة قليلاً و تختلف من شخص لأخر و من مدرسة سينمائية لأخرى و من ثقافة لأخرى ,
و لكن تبقى الثوابت التي لا تتغير ألا وهي محاولة السينمائيين بالسمو نحو الجديد دوماً  ويبقى الهاجس الأكبر هل سننجح هل نجحنا هل وضعنا أيدينا على الخطأ / الجرح / السر
فايف ستار كانت محاولة من سينمائي مستقل صنع فيلماً بتكلفة قليلة عكس ما هو متبع في الأفلام الأمريكية الغنية بالإنتاج الضخم ,  أن يلخص لنا حراك حياة اللصوص و القتلة في ذاكَ الليل المرعب التي قد تودي بحياة شخص خطأ وجد في مكان خطا و زمان خطأ ,
درجة النجاح لذاكَ الفيلم لن يعطيها ناقد أو سينمائي أكاديمي يصر دوماً أن يكون هناك مصدراً معلوما للحركة و الضوء ومنطقية الحدث , فالفيلم هنا يحتاج لناقد حسي و متلقي يعي كيف هو الشارع عندما يقبض بكفيه ليل الحالمين بالحرية و المعنى الخفي للرجولة !!
رنا هاشم




و فقدت قدرتي على تتبع مواطن الجمال ...




 و الغريب ..
إن قدرتي على الإندهاش من موضوع أو الإنبهار بأي حد أنتهت ..
مش عارفة ده سببه السن أو يمكن لا قدر الله بعقل ولا حاجة بعمري 39 سنة وشعري الأبيض اللي بدأ ولأول مرة يضايقني اللي بدأ يكتر وبيتحدى أي لون يغيره ولا طبيعة البني أدمين اللي أختلفت عن زمان ؟

زمان ..
كان عندي إنبهار قوي جداً بشخصية بابا رغم جدالي المستمر لحد الزعيق و البرطمة مع ماما هو ليه عصبي ليه مش بعرف أتناقش معاه ليه حازم لدرجة الخنقة وكأننا هنطير من أيديه لو سابنا نرد على التليفون مثلا بعد الساعة 8 أو نخرج مع صحابنا و اللي دلوقت فهمته وأنا بعمله مع ابني الكبير اللي علطول خايفة أنه يبدأ يستقل بحياته ويستغنى عني و أكتشف أنه مكانش خوف منه علينا بس لأ هو نوع من الأستحواذ الكبير علينا لحد الثمالة والشبع علشان سنين كتيرة بعد كده مش هنكون حواليه وسنين أكبر لينا وهو مش حوالينا .

زمان كان عندي إنبهار بعالم الفن وأن كل حاجة فيه بعيدة ممثل بتحبه .. ناقد مهم .. مخرج محصلش مهرجانات شبه مستحيلة .. كتابات متقدرش تكتبها وتكتشف في الأخر أن بشوية مجهود كل ده بيقرب و بسهولة وأن فيهم ناس تستحق الإحترام مش الإنبهار وناس ... بلح صيت و بس
زمان كان ممكن أعيط و أفرح و أخاف و أنكمش من أحداث فيلم .. دلوقت الفيلم عندي مش أكثر من تقنية كويسة ؟ ناس أتسكنت صح ؟ الأحداث طبيعية , الإضاءة مصادرها مناسبة !!!! و بس

وفقدت قدرتي على تتبع مواطن الجمال ..
الحكاية كلها بتتلخص في إزاي تستقبل المشاعر الكتيرة اللي أنت بتحسها من حب وإنبهار وتعليم و إتزان ما بينهم علشان تخلق جواك حياة سوية وطبيعية بتتفاعل مع الأحداث لكن الحقيقة ومن كتر زحمة الأفكار وتواتر الأحداث ومحاولة خلق موضوعية مناسبة ليهم بتخليني أفشل دايماً في تتبع مواطن الجمال .


وبكتشف ..
أخيراً أن مبقيتش أدور على أحداث معينة أو أخبار كنت حريصة عليها أو حتى الرد على ناس كنت بحب أرد عليها أو حتى ما بطيقهاش بس ممكن يكون كاتب كلام محترم وكأن حواسك أنحصرت جوا دنيا أنتَ بتخلقها من قلب الخوف اللي كان ساكنك وتحررت منه زي الناس اللي مبقيتش مهتم بيقولوا أيه ولا وجودهم يفرق ولا يتعب زي كل كلمة حب يوم قلتها في مكانها الغلط وناس متستحقهاش زي الوعود السراب اللي مالية حياتنا من مفيش زي التسامح الغبي اللي ساعات بتخلقه من العدم علشان تكمل زي كل حاجة حلوة زمان كنا بنحسها وكأننا محبوسين في زمان اللي عمره ما هيرجع .

كل سنة وأنا حُرة


ممم طيب
هو طبعا أحنا مش محتاجين يوم واحد يحتفلوا بيه ده لازم تكون كل الأيام أعياد و ليالي ملاح الصراحة .. بس هو هيبقى عيد بجد
لما نبطل نسمع عن حوادث الأغتصاب و التحرش ,
لما نبطل نسمع أن في ستات و بنات زي الورد في المعتقل السياسي لأنهم مؤمنين بفكرة الحرية ,
لما نبطل نسمع عن الستات اللي بيموتوا من الأهمال في المستشفيات ,,
لما نبطل نسمع أن دي كافرة و مغيبة لأنها محجبة و بتلبس ضيق أو قلعت الحجاب أو مش لابسة الحجاب و سافرة ,
لما نبطل نسمع أنها ما أشتغلتش علشان المكان ما بيقبلش محجبات أو الشركة دي الزي الرسمي ليها الحجاب
لما نبطل نقول الكلمة الأقبح في الوجود ’مُزة ’ و كأن لا يليق بها أي وصف للجمال غير ده  
لما‬ نبطل نعايرها بأنها عانس أو مطلقة ,
لما نبطل نعايرها بأنها مخلفتش أو مجابتش إلا بنات ,
لما نبطل نقولها في نص اللوكيشن على سبيل الهزار السمج انتو ما سبتوش لينا حاجة احنا الرجالة و مكانكم البيت ,
لما نبطل نسمع أن الثورجية صايعة والبنات المحافظات و المحتشمات أرهابيين
لما نبطل نقولها بعد يوم طويل من شغل بيت وولاد و شغل برا و انتِ بتعملي أيه طول النهار غير القعدة على الفيس بوك
لما نبصلها بأنها مش ألة جنس فقط
لما نبطل نطلع الستات في الأفلام ريكلامات و رقاصات علشان العيشة صعبة و حواليهم ألف بنت كومبارس شاء حظهم الزفت أن ما يلاقوش غيرها شغلانة مع أننا ممكن نقول كل الكلام ده من غير كم الأيحاءات المخجلة دي ..
لما ما نسمحش لحد يشتم التاني بأمه و كأنها عورة 

لما نبطل نسمع أن الراجل خد براءة لأنه بيدافع عن شرفه و أن الست خدت حكم لأنها متلبسة
لما نبطل نتهم الستات بكل سخافة بأنهن ناقصات عقل و دين دون الرجوع للمعنى الحقيقي للأية الكريمة
لما نبطل نخونها / نضحك عليها / نعشمها / نوعدها و أحنا عارفين أننا مش هنوفي بالوعد و أنها مش أكثر من لحظة و تعدي
لما تكون حرة قرارها و محدش يعلقلها مشانق الكلام و الإتهامات
لما و ببساطة تقرر أنها تفضل أو تمشي أو تبعد أو حتى تحلم أو تعيط ميبقاش عليها ألف عين و مصمصة شفايف و برطمة مالهاش أول ولا أخر ,,
‫#‏ببساطة_لما‬ كل ده ينتهي هيبقى في عيد !!

6 مارس 2016

المدونة دي من سنة 2008 أسمها همسات فريدة هتزعلوا لو غيرت أسمها ؟ 
كومنتات و رسايل بقى و كده سمعوني رأيكوا

22 سبتمبر 2015

السينما التسجيلية و المستقلين الجدد ما بين الفكرة و التنفيذ ..




                                                   
لم يعد الإنتاج وحده ما يعرقل  تقدم أي أي مخرج في سبيل تنفيذ حلمه الذي طالما راوده في صناعة فيلم سينمائي أو تسجيلي قصير أو طويل بل من البديهي أن نضيف لقائمة العراقيل , تصاريح النقابة , مدارس السينما  التي تخرج منها المخرج , عدد الأفلام ألتي صنعها كي يستحق الفرصة , التهميش و التقليل أحياناً لنحتك في الصخر كي تصل بحلمك للشاشة الكبيرة ,
و لكن غاب عن أعين الكثير من مخرجين الأفلام التسجيلية  وعن مخيلتهم أمرغاية في الأهمية  على أعتبارها الخُطوة الأولى في عالم السينما كي تكون بمثابة الدرجة الأولى في سلم الصعود للإفلام الروائية و حجز ذاكَ المكان السحري للقمة,

بل بالفعل هناك من تجرأ على فعل وضع بعض الصور الفوتغرافية و الفيديوهات المصورة بشكل غير محترف في صورة يسمونها بالواقعية و سرد أحداث قائمة  بمثابقة توثيق في صورة لتتصدر المشهد الثقافي المزيف الذي يحدث الأن في حالة أشبه بعدم النضوج الفكري أو السينمائي و عدم وصول قيمة الفكرة أو ربما عدم الرجوع لنشأة السينما التسجيلية في العالم و أسباب وجودها في ذاكَ العالم الكبير ,
أو كما كما عُرفت بأنها معالجة الأحداث الواقعية الجارية بإسلوب فيه خلق فني كما ورد في كتاب السينما التسجيلية عند جريرسون , او كما أنتهج شاعر الوثائقيات فلاهيرتي الذي أنقسم حوله النقاد كثيراً عن تحويله الحقائق لخيال و ذلك نوع من التظليل للمتلقي العادي و كان تلك الأراء الصادمة لا تمت بصلة للحقيقة فكل ما كان يفعله فلاهيرتي هو إيمانه العميق بأن القصة لا بد أن تنبعث من المكان الذي تدور فيه و هذهِ القصة من وجهة نظره هي القصة الرئيسية لذلك المكان أو كما أسميه أنا دائماً في تعريفي الخاص عن السينما التسجيلية هي التي بأحداثها تتيح لك لمس أبواب السماء فهي البوابة السحرية لمملكة المعرفة و الخيال ,
و الخيال هنا لا ننتهجه كما في الدراما إنما كيف توثق بالصورة و الكلمة أحداث حقيقية تشبه السيمفونيات الخالدة بأن تجعلك تحلق معها لسموات من أمل , و لذلك يقع أغلب المخرجين الجدد في حفرة الواقعية و لصق بعض المشاهد بعضها ببعض أو سرد يتسم بالغرابة أو طول المدة  إستناداً لشركة إنتاج تطالبهم بذلك بسبب أمور التسويق و التوزيع و خلافه ,

روبيرت فلاهيرتي


لنعود لأهم الدروس المستفادة  في سنوات حبي للسينما ألا وهي :
بأن النوايا الحسنة  لا تصنع عملاً جيداً و أن السينما ليست القدرة على صنع العمل و إنما قدرتك على تنفيذ العمل ,
و التنفيذ هنا لا يكتمل إلا بأحساسك الداخلي بالجمال  فالدراسة الأكاديمية وحدها لا تعطي تلك الإنسيابية الحرة للصورة بل هناك حبك للعمل – تفهمك لطبيعته – و هدفك الأسمى في الوصول للقلب و العقل معاً  ,
و تتوالى العراقيل أمام المستقلين من نواحى شتى ,,
التكلُفة – شركات الإنتاج – التوزيع و التسويق – الأنترنت و التواصل الإجتماعي  
و لكل تلك الأسباب لجأ الكثيرين من المستقلبن لصنع أفلامهم الأولى بنفسهم لتحمل تلك الأعمال خطايا التجربة في صور أشبه بالريبورتاجات التلفزيونية و أعتبار كل واحدة منهم فيلم موجه للمهرجانات السينمائية ,
وعلى أعتبار أنها التلقي المناسب و الأوحد للإفلام ,

لنعود من جديد لعراقيل التصريحات الخاصة بالدعم و التصوير  ,, عدم مجازفة شركات الإنتاج بمنح الفرص للجدد بسبب تلك التكلفة الكبيرة التي تقابل عمل الأفلام و صناعها  , خوف البعض من السينما المستقله كخطر حقيقي لصناعة السينما رغم كونها الحل الموازي للخروج من أزمة السينما في البلاد ,
لنصل للصورة التي يظهر عليها الفيلم و توزيع الضوء الدرامي للعمل , فالواقعية لا تفرض علينا صورة قاتمة أو مضطربة أو مهزوزة فنحن هنا نوثق بالإبداع اللوني و الضوئي ما نريده من توصيل الفكرة , و لكونها تحرك الساكن فينا من خلق للإبداع  فالصورة تشبه إلى حد كبير للوحات التشكيلية ورقة بيضاء خطوط وهمية نقطة إرتكاز لتبدأ منها فصول الحكاية, ليباغتني رأي غريب في أحد الندوات السينمائية بأن السينما التسجيلية لا تحتاج إلى الإبهار الضوئي أو توزيع الظل و الضوء فيها ,, 

  لإسبح في الخيال في لوحات رامبرانت و كيف كانت من هنا نقطة البداية لتشكيل ثوابتك الفنية و حرصك عليها و أنت ترى كيف أتاح لك الفن أن تكون مبدعاً ,
كيف نحرر بالصورة العقول و نحارب الإرهاب بالحقيقة و كيف نوثق الظلم في الميادين و الحرق و الرصاص و التنكيل في عمليات الفض كيف  نعالج  مشكلات الوطن من ادمان و تحرش و زنا محارم و ملفات مسكوت عنها ولا يعلن عن أرقامها الحقيقية في مراكز الأمومة و الطفولة  , كيف نصل بالمحتوى بدون ملل أو فجاجة ,
 فالسينما من فن سابع أو تشكيلي أو وثائقي خلقوا من نور كي نصل معها إلى أفاق كبيرة إلى عوالم أوسع من الخيال فنحن صناعها أستطعنا أن نرسم أحلامنا برؤى من نور تنير لنا تلك الدروب الطويلة من الإحباط  ,

و أنا .. 
و رغم أنني ما زلت أنتمي و فخورة بذلك كثيراً كأحد مخرجين السينما المستقلة و مررت بكل ما تحدثت عنه سابقاً من فشل و أحباط و إنكسارات و خطايا العمل الأول لكننا ما زلنا على الدرب نريد الوصول لتلك النقطة النور التي تجعل من أحلامنا  طريق الوصول للجمال و الحقيقة  , 

فعالم الوثائقيات ليست الخطوة الأولى لعالم السينما فحسب بل هو نوع من التناقض بين حلمك و الخيال بين الحقيقة و الخوف الكامن من الإكتشافات  هي الرحلة الأصعب , رحلة التفاصيل المرهقة التي تنتهي بمجرد عرضها على تلك الشاشة الكبيرة و هي تُقبل  وتَغُمر ما صنعته في ليال طوال .


رنا هاشم .