The Bicycle Thief - سارق الدراجة
عدالة ضائعة
بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت روما مدينة جائعة تشبه الكثير من البلاد التي تعاني ويلات ما بعد
الحرب من بطالة و تدني في الأخلاق دينياً و إجتماعياً ,
ومن هنا بدأت أحداث فيلم سارق الدراجة للمخرج والممثل الإيطالي
و رائد الواقعية الإيطالية الجديدة فيتوريو دي سيكا والذي أعتمد على مشاهد حقيقية
من واقع روما المخيف في تلك الأثناء و أستعان بممثلين غير محترفين فقد كان بطل
الفلم أنطونيو وهو الممثل ( لامبيرتو ماجوراني ) في الحقيقة عاملاً في مصنع عندما
أستعان بهِ دي سيكا..
فيتوريو دي سيكا
تبدأ أحداث الفيلم بتجمع كبير للعاطلين و المنتظرين بشغف
فرصة عمل من الحكومة الإيطالية ويستطيع رب
الأسرة الفقير أنطونيو بالفوز بإحدى تلك الفرص ولكن كان من شروط الوظيفة أن يمتلك
العامل دراجة هوائية ( لا دراجة لا عمل ) وكان أنطونيو بالفعل يمتلك دراجة ولكنها
في محل الرهونات التي كانت موجودة بوفرة في المدينة الإيطالية نظراً للفقر المدقع
الذي أصاب الجميع ..
ذهب لزوجته
ماريا ليخبرها بما حدث فقررت و بدون تفكير بيع شراشف عرسها كي تسدد ثمن رهن
الدراجة و أستعادتها وبالفعل تنجح ماريا في بيع الشراشف وبالتالي أستطاع أنطونيو
العودة بزوجته و بالدراجة إلى المنزل , ولكن في طريق العودة كان على ماريا الذهاب
لمشعوذة تقرأ لها الطالع وكان ذلك التدني الديني أيضا من نتاج ومخلفات الحرب ولم
يقتنع الزوج بما تفعله زوجته وأعتبر ذلك إهانة كبيرة و لجوء مخزي لمن في مثل
ثقافتهم ,
ومع أول يوم للعمل أصطحب أبنه الصغير برونو ( أنزو
ستايولا ) ليقله لعمله على أن يعود إليهِ في تمام السابعة مساءا , وعندما أنخرط
انطونيو في العمل سُرقت منه الدراجة في خِلسة وهو منهمك في تثبيت ملصقات الحائط ,, يحاول اللحاق باللص فلا يستطيع الإنساك به ِ
’ وتستمر الأحداث مع أنطونيو و برونو في عطلة نهاية الأسبوع في البحث عن السارق
حتى يراه في سوق يتحدث إلى رجل عجوز فيحاول اللحاق بالصبي السارق لا يستطيع فيذهب
وراء العجوز كي يخبره بمكان السارق حتى يصل لكنيسة تجمع الفقراء لحضور القداس في
مقابل وجبة ساخنة ويحاول مع العجوز أن يأتي معه ويدله على السارق ولكن يراوغه
العجوز ويهرب وهنا يبدأ أنفلات واضح لإعصاب العامل وخاصة بعد أن قال برونو الصغير
(لماذا تركته يذهب عندما
أراد تناول صحن الحساء) هنا لطمه الوالد لطمة قوية أرعبت الصغير الذي سارع
بالإختباء لدرجة أرعبت أنطونيو عندما أسرع للجسر عندما نادى الناس بأن هناك من غرق
في المياه ,ليكتشف أن ولده بخير
وبعد محاولات عدة مع السارق أن يسترد منه الدراجة و تكاثر
السارقين والهمجيين من حوله لإبعاده عن سكن السارق وخاصة بعد ما صرح له الشرطي بأنه
لن يستطيع إثبات التهمة بسبب عدم وجود الشهود وذلك بعد أن لجأ في محاولة يائسة
للمشعوذة لتساعده في عودة الدراجة والتي صرحت له بأن إذ لم يتمكن من إسترجاع الدراجة
اليوم لن يستطيع إستعادتها مرة أخرى إلى الأبد
ومن يأس إلى يأس يقرر أنطونيو سرقة دراجة هوائية تقف في شارع
جانبي بعد أن يأمر أبنه الصغير بالعودة إلى البيت ولكن الصغير لم يلحق الترام
فيعود إلى والده في اللحظة التي سرق فيها أنطونيو الدراجة ليتكاثر حوله البشر
ويقومون بشتمه و ضربه أمام الصغير والذي لولا وجوده لكان أنطونيو في السجن لتنهار
جميع المُثل في أن واحد ,, صورة الأب امام أبنه ِ الصغير و مباديء أنطونيو في
العدل والمساواة والاخلاق التي تهاوت أمام فرصته الأخيرة في سد رمق جوع عائلته و
إعالتها
وكان المشهد الأخير
في سير أنطونيو وبرونو بوجوه باكيه و جزعة لمصير يعلمون جيداً كيف سيكون وسط كم لا
عادي من الدراجات الهوائية التي لن يستطيعو يوماً إمتلاك أحدهما ,,
وقد برع دي سيكا في مشهد والتي تلائم أجواء تلك الأيام في
روما ووصل لحد الكمال في وصف أجواء المدينة بواقعية شديدة جعلت الفيلم في مصاف
الأفلام الهامة على مر التاريخ
فقد أستطاعَ الكاتب سيزار زافاتيني مع دي سيكا في إبراز مساويء وويلات الحروب على
المجتمع الإيطالي وتجسيد الواقع كما هو بممثلين غير محترفين بشوارع حقيقية
بديكورات غاية في البساطة و إضاءات حقيقية,
إستطاعا أيضاً إبراز كل المشاعر الإنسانية و الإحباطات النفسية المتواترة
كما الحقيقة وبوضوح فقد كان دي سيكا نفسه من أسرة فقيرة جداً وكان عائل لإسرة
فقيرة وبهذا أستطاعَ السيطرة على نص اليساري زافاتيني ليخرج لنا بفيلم شديدة
العذوبة و المصداقية .
رنا هاشم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق