أنا أعيش في القاهرة و في حي
عريق من أجمل أحيائه وهو حي مصر الجديدة الرقيق .
ولكن أصولي العائلية من مدينة ساحلية
على البحر المتوسط فيها أجمل مكان قد تراه في البحر وهو مذكور في قوله تعالى :
بسم الله الرحمن الرحيم
مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ
﴿الرحمن:19-20﴾
وهو نقطة إلتقاء البحر المالح بالنهر
العذب نقطة إلتقاء البحر الأبيض المتوسط بنهر النيل الخالد في مشهد من أجمل
مشاهد جنة الله على الأرض وهناك في تلك المدينة يواري الثرى قبر أمي و أبي الذان
أصرا على أن يُدفنا سوياً كما عاشا سوياً أربعون عاماً .. أربعون عاماً من النقاء
و الطهر لم يلتفتا لدفنهم مع ذويهم السابقين بل أصروا على أن ندفن جميعاً
سوياً كما كنا نعيش سويا في هذه الحياة فنحن أسرة مكونة من خمسة أفراد أبي و أمي و
3 بنات أنا أصغرهم ..
غرس أبي فينا معنى القيم والأخلاق
والثقافة والحوار رغم صعوبه التعامل معه كرجل شديد الشكيمة قوي العزيمة فقد كان
مِثالاً للرجل القوي والجميل والمحبوب والغاضب و الرقيق تقاسيم وجه كانت لا يرتسم
عليها ملامح الإبتسامة ولكنهُ عندما كان يبتسم و يضحك أشعرُ بأن السماء قد ضَحِكت
مَعهُ ... حلمت كثيراً برجل يشبهه فدائماً ما كنت أقول عنه هو يشبه رجل الأساطير .
أمي وجه الملائكة ... رقيقة لحد
اللا معقول إمتصت غضبه و عناده وقوة شخصيته وكنت دائماً ما أسألها لما تتحملين
ثوراته كانت تقول و بكل بساطة ومعالم الخجل الغير عادى على قسماتها لإنني أحبه
وعندما توفيت لم يحتمل هذا الجبل
فراقها ولحق بها وهو يوصينا بأن كل مكان مشى فيه موكبها الجنائزي يمشي فيه ليزداد بركة
وطهر ولا أنسى أخر كلماته (( ودوني لحبيبتي
))
قبرهم الذي جَمعهم وكأنه بيت صيفي على
البحر يزنره زهور لشجرة متسلقة من ناحية أبي بيضاء و حمراء .. ومن ناحية أمي بيضاء
و صفراء .. و أنواع كثيرة من النباتات المورقة طوال العام وبالداخل و عندما أهم
بفتح الباب الحديدي توجد تلك الياسمينة التي زرعناها نبته صغيرة جداً عند وفاتهم
منذ عام ونصف اليوم و أنا هناك رأيت زهرات الياسمين في منظر رائع ... بكيت و
بكيت وبكيت كما لم أبكي من قبل وأحتضنت القبر من ناحية أمي وقلت لها يا أمي أنهم
أورقوا و أزهروا يحتضنون بعضهم البعض كما عودتنا أن نكون سويا لا يدخل بيننا
أحد نحب بعضنا البعض ونتمنى السلام للجميع ولا نأبه لمخلوق وضيع ولا كاذب فله رب
يحاسب .. و عندها تمنيت أن تأخذني في أحضانها فقد تعبت ألم و حزن .. نزل ذلك
الطائر الرقيق الذي تعودت أن أراه دائما هناك بصوته العذب ولم يخف مني وظل قريب
مني بشكل غريب لدرجة شعرت معها أنه قد يكون روح أمي فيه وجائت تطمئني بصوتها العذب
... ثم ذهبت لأبي وقلت له .. يا أبي عندما كنت معنا لم أحتاج لأحد من العالمين ولم
ألتفت لصديق أو حبيب أو وليف ... ومن بعدكَ أصبحت عطشى لكل شي ولا أرتوي .. بكَ
كنتُ أملك العالم و الأن لا أملك شيئاً رغم كل ما أملك .
قبر أبي و أمي و يا للعجب و كأنه
الجنة.
اللهم أجمعني بهم قريباً في جنات
عرضها السماوات و الأرض و أجعل قبرهم روضة من رياض الجنة
اللهم أمين
~ ~ ~ ~
((الياسمينة من تصويري ))
هناك 4 تعليقات:
ربنا يجعل متواهم الجنة باذن الله , وربنا يديكي طول العمر ويبقي كله سعاده ان شاء الله ويجمعكم بعد عمر طويل باذن الله جنه عرضها السموات والارض
انا بصراحه مش لاقي كلام اقوله غير ده ,وكلامك بجد مؤثر لدرجة صعبة بالنسبالي
دومتي بخير
تحياتي
محمد عامر
رحمهم الله وأسكنهم فسيح جناته
عودي يا رنا عودي إشتقنا إليكيِ
سهى
محمد ... اللهم أمين , شكراً لكَ أخي الكريم .
~ ~ ~ ~
رنا هاشم
سهى ...
اللهم أمين .. شكراً لكِ
يا أهلا وسهلا نورتينا اليوم والله :)
صدقيني أنا أحاول ولكني ما زلت أريد إلتماس الهدوء من عزلتي المختارة .. فلوحدتي راحة غير عادية أشعرتني بنفسي من جديد ... محبتي
~ ~ ~ ~
رنا هاشم
إرسال تعليق