11 يونيو 2014

عن التحرش أتحدث ...

هناكَ فيلم قصير شارك في إنتاجه المجلس السينمائي بالمملكة المتحدة
 سيناريو و إخراج مخرجة غاية في العذوبة و التميز أسمها

 Susan Jacobson ,
حاصل على جائزة أفضل فيلم من مهرجان مانهاتن بالأضافة لجوائز عالمية أخرى  بعنوان  

one hundredth a second  

و تدور أحداثه عن مصور الحرب ماذا يفعل أمام الحدث أيصوره أم يتورط فيه ؟!
و هي المشكلة الأكبر أمام كل حدث جلل يحدث أمامهم و يتوقف أحيانا تفكيرهم
تماماً عن إتخاذ القرار , 

 أيوثق بشاعة الموقف أم ينقذ ما يمكن إنقاذه و قد يتعرض للقتل ؟

أعتقد بأن هناكَ الكثير و الكثير قد تغير بِداخلي عند رؤيتي للفيلم  منذ سُنوات ولم أستطع نسيانه  و قد تذكرته بشدة أمام سيل الإتهامات التي واجهت المصور صاحب فيديو فتاة التحرير التي تم إغتصابها منذ يومين في إحتفالات تنصيب السيسي رئيس البلاد الجديد  ,,

تذكرت ذاكَ الفيلم أيضاً مع  أحمد عاصم المصور الصحفي الذي يكاد يكون الأوحد في العالم الذي صور قاتله في أحداث الحرس الجمهوري و قد علم القناص المواجه له في المبنى بما يفعله أحمد ,  رأه ذاكَ القاتل وهو يوثق !
 نظرا لبعضهما البعض و قد أتخذ الأثنان القرار في آن واحد , بأن سيؤدي كل منهما دورهِ على أكمل وجه , سيصور عاصم الحدث ,  و القناص سيؤدي دوره ببراعة ويقنُص رأس أحمد

و قد كان ,
 و أستقرت الرصاصة في عين الصبي ولكن بعد أن نجح في تصوير قاتله !
 لقد أختار أحمد فضح الأمر و خسارة حياته و إتهامه في النهاية بأنه أخواني حقير و يعمل لحساب جريدة الحرية و العدالة رغم أن هناك الكثير ممن يتبعون أيدولوجيات مختلفة و يعملون لحساب الجرائد القومية التابعة للدولة وممن يمتهنون مهنة عاش الملك مات الملك ,

 و بالعودة لمصور فتاة التحرير يكون السؤال ,

ماذا لو كان قد تدخل و أنقذها ؟
  هل كنا علمنا بما حدث ؟ هل كان سيكون لنا قدرة و جسارة في التصدي لحقارة بعض الأعلاميين بأنها صور مفبركة أو فيديوهات قديمة أو لها شبهة أخوانية جدا و أن المصور تابع لشبكة رصد و بالتالي فهو حادث مدبر له الوقوع ؟

أم كمثل تلك المذيعة التي لا تمت بصلة لرتبة ’ بني أدمة ’ وهي تقول في تلك القناة
( أهو خليهم ينبسطوا ) و قد بررت بأن تلك الجملة كانت للأحتفالات وليست تعليقاً
على الحدث .

لولا هؤلاء الصبية ممن يحملون أرواحهم على أكتافهم هل كنا علمنا بما يحدث من حقائق في تلك الشوارع اللعينة ,, لولا تلك الفيديوهات المسربة من زمرة ظباط تافهين وهم يصورون إغتصاب عماد الكبير و بثها في المدونات كما فعل وائل عباس ممن كان له الفضل في نشر الكثير من التجاوزات في مدونته الوعي المصري و ممن قام عليه أغلب دراسات الصحافة البديله مع نورا يونس كما ورد في دراسة خطاب المدونات  للدكتور هشام عبد المقصود و كيفية تحويلهم لخطاب المدونات من الذاتية لرؤية مجتمعية شاملة تكشف , تناقش , تحاور , إيجاد وسيلة لحل المشكلات أو على الأقل تسليط ضوء مباشر على الحدث بدون الخضوع

 لهيكلة تمويل المؤسسات الأعلامية .

 مما لا شك فيه بإن الموضوع بكامله فيهِ بشاعة وحقارة أسوء مما نحتمل
و كأن قدر المرأة في بلادنا هو التهميش و الأذلال لكل ما تحمله الكلمة من معنى ,
 مهانة نفسيا و جسديا و مهنياً 

لا حق لها في حياة غير مما رُسم لها من حياة جنسية لا أكثر  وذلك يعطي أشارة خضراء للتحرش الكامل بها سواء كانت سافرة أو محجبة أو طفلة في المدرسة ,  فهي موشومة بوشم العار بأنها فقط و فقط ’ إمرأة ’
و تلك القوى المزعومة فينا  نحن النسوة و اللافتات المرفوعة بحقنا في الحياة بكرامة هي عبارة عن شهقة موت لا أكثر نطلقها في وجه رسول الإنتهاك المكلف بنهش كرامتنا اليومية
وكأن أحلامنا نحن النسوة مبتورة في زحام و أختناق الوطن .

شاهدوا الفيلم القصير , فما زالَ بأمكاننا إحتواء الجمال في ذلكَ العالم المُخيف كما زالَ الفن رسالة سامية و لغة عالمية و حضارية تجعل من أرواحنا تلامس أبواب السماء .
ولتحكموا فيما يحدث بما يمليه عليكم ضمائركم و إنسانيتكم .



https://www.youtube.com/watch?v=EnbcMK9z16o

هناك تعليقان (2):

bent ali يقول...

من أجمل ما قرأت ليكي يا رنا
مقال هاديء ومليى بالتفاصيل الهامة وباللغة الراقية والحس الأدبي والشعري اللى جواكي

اسعدتيني بمقالك الراقي
استمري

Rana Hashem يقول...

ممم ,, مبسوطة انه عجبك ,, بجد
بس الحكاية فعلا مبقتش حكاية تحرش الحكاية تخطت احساسك بالمهانة و القرف بتهيألي احنا في دوامة كبيرة اسمها مهانة الست